زوزو نبيل.. الخالة لبيبة التي عاشت دراما غريبة

 رغم كونها ممثلة دراما من العيار الثقيل، لكنها كانت تعيش دراما من نوع خاص، دراما من صنع القدر، عاشت معاها وتحكمت في كل حياتها، لكنها خرجت منها سليمة كما كانت تخرج شهر زاد في قصتها الشهيرة، هي الفنانة الكبيرة زوزو نبيل.

زوزو نبيل اسمها الحقيقي عزيزة إمام حسين، ولدت في مدينة المنوفية في عام 1920، كان والدها يرغب في إنجاب طفل يسميه محمد، وعندما قالت له الداية: “مبروك يا سي إمام جاتلك بنت زي القمر تتربي في عزك.. هتسميها إيه؟”، فقال لها: “تتربي ماشي لكن اسميها لا”، فاختارت لها والدتها اسم عزيزة نكاية في والدها الذي رفض تسميتها، ومات الأب في سن مبكرة.

وعندما بلغت عزيزة الثالثة عشر زوجتها والدتها من مأمور سجن طرة، الذي مارس عليها كل طقوس السجان، فعاشت في سجن حقيقي.

تحكي زوزو نبيل عن زواجها الأول في لقاء مع الإعلامي مفيد فوزي: “زوجي كان يعمل مأمور سجن وأنجبت ابني نبيل وعمري 14 عامًا، كنت الأم الطفلة، لم يكن زواجي سوى حقبة من الانعزال الجبري، البيت كان زنزانة، قعدت سنة مخرجتش من البيت بأمر زوجي، ممنوع افتح الشباك، و بيت زوجي كان مطلًا على السجن الذي يعمل فيه مأمورا، ولم يسمح لي بالخروج حتى لفناء البيت”.

وأضافت زوزو نبيل، الشهيرة بشهرزاد الإذاعة: “حماتي لاحظت همي وغمي في الشهور الأخيرة لحملي، كانت في حاجة محجرة جوايا، ومش قادرة أحكي، ورسمت معي خطة كي أرى الشارع ليوم واحد، فقد رأت ضرورة للتمشية كي تتيسر ولادتي، واستحلفتنى ألا يعلم زوجي بهذه الخطة، ألبستني بيشة وبالطو أسود طويل، والغفير والخادمة ذهبوا معي لحراستي، سرنا في الظلام حتى محطة المعادي، وعندما عدت علم حمايا بما حدث أخذني إلى والدتي وقال لها خدى دي أمانة عندك لحد لما آجي استلمها، عقابا لابنه، وقال لوالدتها: “دي خسارة في ابني، خليها عندك لحد ما يعرف قيمتها”.

توفي زوج زوزو نبيل الأول بعد فترة من زواجها، واهتمت بتربية ابنها نبيل، لتلتحق بالعمل الفني، حيث واجهت صعوبة في إقناع أهلها البسطاء بالسماح لها أن تعمل كممثلة، وكانت قد ظهرت عليها علامات الموهبة التمثيلية  وهي في سن صغيرة، فتركت المدرسة وانضمت إلى فرقة مختار عثمان بعدما عرض عليها العمل معه في فرقته مقابل راتب بلغ 6 جنيهات شهريًا.

لكن اسم عزيزة إمام، لن تستطيع العمل به، فاختارت اسما فنيا، زوزو دلعا لعزيزة، ونبيل على اسم ابنها الوحيد، لتصبح زوزو نبيل، الفنانة الكبيرة التي ملئت الدنيا فنا، وكانت شهر زاد الاذاعة، التي تصغي لها الآذان، عندما تقول: “بلغتي أيها الملك السعيد”.

أعمال زوزو نبيل

تألقت زوزو نبيل في السينما والمسرح والتلفزيون، وفي كل ميادين الفن، فانضمت إلى فرقة مسرح رمسيس مع الفنان يوسف وهبي الذي أطلق عليها اسم الجوكر، وعملت بعدها في المسرح القومي، وعُرفت بصوتها الرخيم الجميل فبرزت في الإذاعة، واشتهرت مع المخرج محمد محمود شعبان في مسلسل (ألف ليلة وليلة). ثم بدأت العمل السينمائي مع المخرج كمال سليم الذي اختارها لتشارك في بطولة فيلمه (وراء الستار)، وشاركت في أفلام لواحظ، أنا حرة، الخرساء، رابعة العدوية، الجبان والحب)، ومن مسلسلاتها: (هند والدكتور نعمان، غوايش، بكيزة وزغلول، يوميات ونيس، ذئاب الجبل.

حكاية لها العجب

كما كان لزوزو نبيل قصة مع الزواج الأول، كان لها قصة أغرب من الغرابة، فقد وافقت زوزو أن تتزوج للمرة الثانية من أحد جيرانها، والذي كان متزوجا من سيدة آخرى في نفس الوقت ولديه ابنة منها، واستمر الزواج السري بينه وبين زوزو نبيل لمدة اقتربت من 10 سنوات، قبل أن تعرف الزوجة الأولى بالأمر وتطلب الطلاق بل وتصر عليه.

لكن زوزو نبيل زارت ضرتها في المنزل وأقنعتها أنها لم تتضرر من وجودها في حياة زوجها طوال تلك الفترة ولم تعلم بوجودها، وعرضت عليها الاستمرار بنفس الوضع على سبيل التجربة ولو لم تجد راحة فيه فلتصر على الطلاق، وقالت لها: “”لو طلبتي الطلاق هيطلقك بالفعل ويفضل معايا، فإيه رأيك ناخد شقة كبيرة ونعيش فيها ونبقى إخوات وتمشي الحياة”.”.

وبعد فترة توطدت العلاقة بين الزوجتين، وأصبحت زوزو نبيل تصطحب “ضرتها” معها في كل المناسبات العامة وتصفها بأنها أختها، وهو ما شجع الزوج الذي كان يشغل منصب مرموق، على شراء بيت كبير جمع فيه زوجتيه.

لتعيش زوزو نبيل وابنها نبيل من زيجتها الأولى في نفس البيت مع زوجها وزوجته الأولى وابنتهما، بل وزوجت نبيل من ابنة زوجها، وعاش الجميع في سعادة قلما تحدث.

لكن السعادة لم تدم طويلا

من الشائع إعلاميا أن نبيل ابن الفنانة زوزو نبيل استشهد في حرب أكتوبر سنة 1973، لكنها قصة غير صحيحة جزئية، فهالة حفيدة زوزو نبيل قالت في تصريحات لإذاعة شعبي أف إم: “والدي لم يُستشهد فى حرب أكتوبر، لأنه توفى بعد انتهائها بعامين، ولقب شهيد ده كبير أوى وكان يشرفنى إن أبويا يبقى شهيد بس أنا مقدرش آخد لقب مش بتاعنا”.

ووفقا لموقع السينما دوت كوم، شارك ابنها في حرب اكتوبر، وكان عميدًا بالقوات المسلحة المصرية، لكنه أصيب اصابات بالغة وتوفى بعد عامين.

وبعد وفاة ابنها، كادت أن تتخذ قرار الاعتزال، لكنها عادت للفن من جديد بعد تأدية فريضة الحج ونصائح المقربين بعدم الاعتزال، وظلت زوزو نبيل تربي أحفادها بصحبة ضرتها الحاجة فاطمة، وكانت الحاجة فاطمة تتلقى أوردرات العمل الفني بدلا من زوزو نبيل وتخبرهم إنها شقيقتها الكبرى.

زوزو نبيل.. 7 صنايع

ومن طرائف الفنانة زوزو نبيل، ما حكته عن أولى أدوارها: “بدأت مشواري الفني في 1937 مع فرقة يوسف وهبي، ثم قمت بأول عمل إذاعي تمثيلية حب ووفاء، وكنت أقوم بدور شخصيتين الأولى مستقيمة الخلق والثانية منحرفة، وكانت والدتي تستمع إليّ في الراديو وعندما عدت سألت والدتي عن رأيها، فقالتلي كنت كويسة لكن البنت اللي معاكي بنت وحشة سكرانة لو كانت بنتي كنت قطعت رقبتها، ضحكت وأخبرتها أنني كنت أمثل الشخصيتين، فشهقت والدتي واقتربت مني لتشم رائحة فمي فلما تأكدت أنني لم أشرب قالت لي: لا بس أنت موهوبة يا عزيزة”.

وكان آخر أفلام الفنانة زوزو نبيل فيلم المرأة والساطور، وتوفيت قبل عرض الفيلم، وبجانب الفن شغلت العديد من المناصب حتى لا تكون معتمدة كليا على العمل الفني في الإنفاق على حياتها، فعملت في الخمسينات كرقيبة في رقابة المصنفات الفنية بمصلحة الفنون  لمدة 3 سنوات، وتولّت إدارة المسرح الشعبي بوزارة الثقافة عام ّ1959، كما عملت بمؤسسة المسرح بين عام 1962 إلى عام 1964، وكانت تقوم بالتدريس لمادة الإلقاء بمعهد السينما مع الفنان عبد الوارث عسر وفي الثقافة الجماهيرية حتى وصلت لدرجه وكيل وزارة.

ورحلت الفنانة الكبيرة في شهر مايو سنة 1996، وعُرض لها بعد وفاتها مسلسل يوميات ونيس الجزء الرابع، وفيلم المرأة والساطور، الغريب أنه بعد رحيلها أصيبت زوجة زوجها “ضرتها” باكتئاب وتوفيت بعدها بـ 40 يوما.