سيدي محمد الزهري: شيخ الصوفية الذي رأى صحابة الرسول.. لغز تاريخي في قلب الإسكندرية

سيدي محمد الزهري: شيخ الصوفية الذي رأى صحابة الرسول.. لغز تاريخي في قلب الإسكندرية
سيدي محمد الزهري: شيخ الصوفية الذي رأى صحابة الرسول.. لغز تاريخي في قلب الإسكندرية


 في قلب الإسكندرية، وتحديدًا أمام استاد الإسكندرية بمنطقة باب شرقي، يقف مبنى صغير ذو قبة دائرية أنيقة، يحمل اللونين الأصفر والأخضر، وجدرانه المصممة بالطوب الفرعوني باللونين البني والأصفر. إنه مقام سيدي محمد الزهري، لافتة زرقاء مضيئة تحمل شهادة التوحيد، وأسفلها لوحة رخامية بيضاء تقول: "هذا مقام سيدي محمد الزهري، نسألك الفاتحة". هذا الضريح ليس مجرد معلم صوفي، بل هو نافذة على حياة فقيه ومحدث جليل من التابعين، يُقال إنه رأى 10 من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم.


رحلة عالم جليل: من المدينة المنورة إلى الإسكندرية

المقام الذي تراه اليوم مخصص للفقيه التابعي أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله الأصغر بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة القرشي الزهري. يُعد سيدي الزهري أحد أبرز الفقهاء والمحدثين والتابعين في المدينة المنورة. وقد روى عن جماعة من الأئمة الكبار مثل الإمام مالك بن أنس، والإمام سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري.

  • حامل علم الفقهاء السبعة: يُعرف سيدي الزهري بأنه حفظ علم الفقهاء السبعة، وهم فقهاء المدينة المشهورون. وقد كتب الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز في كتبه إلى الآفاق قائلاً: "عليكم بابن شهاب الزهري، فأنكم لا تجدون أحدًا أعلم بالسنة الماضية منه".

  • تلامذة وشيوخ: أخذ الزهري العلم عن سيدي عبد الرحمن بن هرمز الأعرج التابعي الجليل، والذي يقع مسجده وضريحه في شارع رأس التين بغرب الإسكندرية. كما تلقى العلم عن سيدي زيد بن ثابت وعروة بن الزبير بن العوام. كان من أسبق العلماء إلى تدوين العلم وحفظ فقه وعلوم علماء المدينة المنورة وحديثهم.


الزهري: فقيه جامع وعلاقات مع خلفاء بني أمية

كان سيدي الزهري على اتصال وثيق بالعديد من خلفاء بني أمية، وكان موضع احترامهم وتقديرهم. فقد ارتبط بـعبد الملك بن مروان، والوليد بن عبد الملك، ثم لازم هشام بن عبد الملك وحج معه. وقد استقضاه يزيد بن عبد الملك، لكونه غزيراً في العلم وفقيهًا جامعًا.


قصة المقام: من سور الاستاد إلى قلب الشارع

من المرويات المتداولة عن سيدي الزهري، أنه عندما زار مصر للتبرك بآل البيت، استقر في الإسكندرية عند شيخه سيدي عبد الرحمن بن هرمز. كان يتعلم العلم والحديث، وكانت له زاوية خاصة داخل سور استاد بلدية الإسكندرية القديم (الذي هو الآن استاد الإسكندرية).

الرؤيا التي غيرت المكان: بعد وفاته بفترة طويلة، يُقال إن سيدي الزهري جاء لوالي الإسكندرية آنذاك في المنام، وطلب منه نقل جثمانه من داخل السور إلى مكانه الحالي في الشارع الرئيسي أمام الاستاد مباشرة، على ناصية الشارع. وأوضح في الرؤيا أنه سيخرج إلى هذا المكان بنفسه، حيث سيعمل الوالي ستارًا ليمر من خلاله.






تفاصيل المقام والضريح اليوم

المبنى الخارجي للمقام يتميز بـ 4 نوافذ حديدية خضراء اللون، تشبه المشربيات الإسلامية، مما يمنحه طابعًا معماريًا فريدًا. أما الضريح نفسه، فهو عبارة عن حجرة صغيرة لا تتعدى الـ 4 أمتار، جدرانها مدهونة باللون الأخضر. في منتصف الحجرة، توجد مقبرة يعلوها مقدمة الرأس الخاصة بسيدي محمد الزهري، وهي ملفوفة بالقماش الأخضر والبيارق البيضاء، وتزينها بعض المصاحف القرآنية التي وهبها المريدون على روحه. أمام الضريح، يوجد صندوق كبير للنذور يضعه أحباب آل البيت والصوفية.

مقام سيدي محمد الزهري ليس مجرد ضريح؛ إنه رمز حي لتاريخ العلم والمعرفة والتصوف في الإسكندرية، ودعوة للتأمل في حياة عالم جليل شكل جزءًا من نسيج المدينة الروحي.


هل سبق لك زيارة مقام سيدي محمد الزهري؟ وما هي أبرز المعلومات التي تثير فضولك حول شخصيات مثل سيدي الزهري؟

تعليقات