سمير الإسكندراني: "ثعلب المخابرات" الذي أسقط 6 شبكات تجسس إسرائيلية

سمير الإسكندراني: "ثعلب المخابرات" الذي أسقط 6 شبكات تجسس إسرائيلية
سمير الإسكندراني، (8 فبراير 1938 - أغسطس 2020) لم يكن مجرد فنان ومطرب ورسام موهوب، بل كان أيضًا أحد أبطال المخابرات المصرية، الذي استطاع بذكائه وحنكته أن يسقط 6 شبكات تجسس إسرائيلية في عملية استمرت لمدة عام ونصف.
رحلة فنان.. وتحول إلى رجل مخابرات
وُلد سمير الإسكندراني في حي الغورية بالقاهرة، ونشأ في أسرة محبة للفن، فوالده كان تاجر موبيليا وهاويًا للفن. تخرج من كلية الفنون الجميلة وسافر إلى إيطاليا لاستكمال دراسته الفنية. كان يجيد عدة لغات، مما أهله للعمل في القسم الإيطالي بالإذاعة المصرية.
في إيطاليا عام 1958، التقى بشاب يُدعى "سليم" كان يثير إعجابه بذكائه وإتقانه للغات. لكن تحركات سليم المريبة، ومعرفته بامتلاكه جواز سفر أمريكي رغم ادعائه أنه عربي، أثارت شكوك سمير. بذكاء فطري، ادعى سمير أن جده الأكبر كان يهوديًا وأسلم، فكشف سليم عن هويته الحقيقية قائلًا: "أنا أيضًا لست مصريًا يا سمير، أنا يهودي".
تجنيده من قبل الموساد وإشارة البدء من عبد الناصر
قدّم سليم سمير إلى "جوناثان شميت"، أحد ضباط الموساد الإسرائيلي، الذي عرض على سمير العمل لصالح ما أسماه "منظمة الحبر الأبيض" لمحاربة الشيوعية. فور عودته إلى الإسكندرية، توجه سمير إلى القاهرة، وبمساعدة صديق لوالده، وصل إلى مبنى المخابرات في مصر الجديدة.
هناك، التقى بالضابط الذي قدم نفسه باسم "جعفر"، والذي عرف لاحقًا أنه رئيس المخابرات المصرية في ذلك الوقت، صلاح نصر. في البداية، رفض سمير التحدث إلا مع الرئيس جمال عبد الناصر نفسه. وبالفعل، استدعاه عبد الناصر إلى فيلا بسيطة في مصر الجديدة، حيث حكى له سمير كل ما حدث. أعطى الرئيس إشارة البدء لصلاح نصر للتعامل مع سمير، وكانت الخطة هي أن يستمر في العمل مع الموساد الإسرائيلي.
نجاح "الثعلب" وتفكيك الشبكات
أثبت سمير أنه "ثعلب حقيقي"، فقد استوعب الأمر وتدرب على أساليب المخابرات بسرعة وإتقان، وببراعة مدهشة في التحكم في انفعالاته. بعد نجاحه في اختبار وضعه له الموساد في روما، زادت الثقة فيه. طلبوا منه استئجار صندوق بريد، ووصلته ثلاثة آلاف دولار من داخل مصر، مما كشف عن وجود شبكة ضخمة من العملاء داخل البلاد.
بدأت المخابرات المصرية خطة منظمة للإيقاع بالشبكة كلها. واستطاع سمير الإسكندراني إقناع الموساد بإرسال أحد أخطر ضباطه، موسى جود سوارد، إلى القاهرة. تتبعته المخابرات المصرية بدقة حتى توصلت إلى اتصالاته السرية برجلين هما "رايموند بترو" و"هيلموت باوخ". ألقت المخابرات القبض على موسى، دون أن تنشر الخبر، وسيطرت عليه ليواصل إرسال خطاباته للموساد حتى يتم كشف جميع خيوط الشبكة.
سقوط الشبكات وتقدير الرئيس
بدأ عملاء الشبكة يتساقطون واحدًا تلو الآخر، والحقائق تنكشف. بعد عام ونصف من العمل، تم الإعلان عن العملية كاملة. اكتشف الإسرائيليون أن سمير الإسكندراني "الثعلب المصري" كان يخدعهم طوال هذه المدة، وأنه سحق كبرياءهم بضربة ذكية ومتقنة بالتنسيق مع جهاز المخابرات العامة المصرية.
استدعاه الرئيس جمال عبد الناصر ليكافئه على نجاحه في تلك العملية، التي تسببت في استقالة مدير المخابرات الإسرائيلية "هرطابي" وكافة رجال الصف الأول في الموساد.
تُوفي سمير الإسكندراني في أغسطس عام 2020، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا ووطنيًا يُحتذى به.
هل ترغب في معرفة المزيد عن أعماله الفنية أو دوره كفنان؟
تعليقات
إرسال تعليق