مسجد السادات المالكية بالخليفة في القاهرة – تحفة معمارية وتاريخية

مسجد السادات المالكية بالخليفة في القاهرة – تحفة معمارية وتاريخية
يُعد مسجد السادات المالكية أحد أبرز المعالم الإسلامية في حي الخليفة بالقاهرة، حيث يجمع بين العمارة الدينية المميزة والتاريخ العريق الذي يمتد لقرون. هذا المسجد الذي يحمل رقم أثر 560 يُعتبر شاهدًا على حقبة مهمة من التاريخ الإسلامي في مصر، إذ ارتبط اسمه بالعلماء والأولياء، وظل عبر الزمن مركزًا للعبادة والعلم والخدمة الدينية.
الموقع الجغرافي لمسجد السادات المالكية
يقع المسجد في شارع السادات المالكية المتفرع من شارع السيدة نفيسة بحي الخليفة، أحد أعرق أحياء القاهرة التاريخية. ويُحيط به العديد من المقامات والمساجد التاريخية التي تُشكل معًا لوحة روحانية ومعمارية فريدة، مما يجعل المسجد محطة هامة في جولات التراث الإسلامي بالقاهرة.
المنشئ وتاريخ الإنشاء
شُيد المسجد في 1180 / 1181هـ – 1767 / 1768م على يد الشيخ أبو الحسن الدادسي الذي جدد البناء وأضاف إليه لمسات معمارية مميزة.
ويُذكر أن المسجد كان قد جُدّد في وقت سابق على يد الشيخ يحيى الشاوي، ثم أعيد تجديده مرة أخرى على يد الدادسي.
كما أن السيدة زليخا أوقفت على المسجد أوقافًا خاصة لضمان استمرارية عمله وخدمته، وهو ما يعكس الاهتمام الكبير بالمساجد ورعايتها في ذلك العصر.
الوصف المعماري لمسجد السادات المالكية
يتميز المسجد بتصميم معماري فريد يجمع بين البساطة والجمال، ويعكس الطراز الإسلامي في القرن الثامن عشر.
قاعة الدفن
-
تتخذ قاعة الدفن شكلًا مستطيلاً.
-
قُسمت داخليًا إلى أربعة أقسام بواسطة صفين من العقود المتقاطعة.
-
كل صف يتكون من عقدين، تستند إلى دعامات مستطيلة.
-
هذا التخطيط أسفر عن تقسيم المساحة الداخلية إلى أربع وحدات متماثلة تعكس النظام والدقة.
الفناء المكشوف
-
تتقدّم قاعة الدفن ساحة داخلية عبارة عن فناء مكشوف يسمح بمرور الضوء والهواء.
-
هذا الفناء عنصر مهم في العمارة الإسلامية، حيث يحقق الراحة والتهوية الطبيعية.
الواجهات
-
الواجهة الغربية: تضم المدخل الرئيسي للمسجد.
-
الواجهة الشمالية: تتميز بوجود المئذنة التي تُعد من أبرز معالمه.
-
الواجهة الشرقية: ملاصقة لمجموعة من المقابر الحديثة.
المئذنة: رمز الروحانية والهوية الإسلامية
تُعد مئذنة المسجد عنصرًا معماريًا بارزًا، إذ ترتفع شامخة لتعلن عن هوية المسجد. وتُستخدم المئذنة في رفع الأذان، فضلًا عن كونها علامة مميزة للمبنى يمكن رؤيتها من بعيد.
النقوش والكتابات الرخامية
من أبرز ما يميز المسجد وجود لوح رخامي مثبت على الباب الداخلي، كُتبت عليه أبيات شعرية تمجد العلم والعلماء وتُثني على من جدد البناء.
ومن هذه الأبيات:
لُذْ بالأماجد من سادوا بعلمهم
المالكيين أهل الفضل والوطن
واحلل بساحتهم تُؤتَ المفازَ بهم
في كل ما ترتجي من غير ما مِنَن
وتُختتم الأبيات بالإشادة بالشيخ أبي الحسن الدادسي الذي أعاد بناء المسجد وجعله تحفة معمارية وزاخرة بالروحانية.
الأهمية التاريخية والدينية لمسجد السادات المالكية
لم يكن المسجد مجرد مكان للعبادة، بل كان أيضًا مركزًا للعلم والتعليم، حيث ارتبط اسمه بـ العلماء المالكية الذين ساهموا في نشر الفقه المالكي في القاهرة.
وقد عُرف المسجد كمكان يجتمع فيه أهل العلم والتصوف، مما منحه مكانة مميزة في الحياة الدينية بالقاهرة.
إسهام الأوقاف في خدمة المسجد
إن الأوقاف التي خصصتها السيدة زليخا للمسجد لعبت دورًا كبيرًا في استمراريته. فقد ساهمت هذه الأوقاف في تمويل خدماته وصيانته، وهو تقليد شائع في مصر الإسلامية حيث كان للأوقاف دور محوري في رعاية المساجد والمدارس والمستشفيات.
المصادر التاريخية التي ذكرت المسجد
ورد ذكر المسجد في العديد من المصادر التي توثق تاريخه وأهميته، ومن أبرزها:
-
علي مبارك باشا في كتابه الشهير الخطط التوفيقية – الجزء السادس، صفحة 29.
-
المذكرة الإيضاحية – وزارة الثقافة – القاهرة.
-
الصور الملتقطة للمسجد ومنها صورة بعدسة مدير صفحة قبة وإيوان.
مسجد خالد في ذاكرة القاهرة
إن مسجد السادات المالكية ليس مجرد بناء أثري، بل هو رمز ديني ومعماري وتاريخي يعكس عراقة القاهرة الإسلامية. تصميمه المعماري البديع، ونقوشه الشعرية، ومئذنته الشامخة، كلها شواهد على جمال العمارة الإسلامية وروحانياتها.
كما أن ارتباطه بالعلماء المالكية والأوقاف التي خُصصت له يعزز من قيمته الثقافية والدينية. واليوم، يبقى المسجد شاهدًا على تاريخ طويل من الإيمان والعلم والفن، ما يجعله واحدًا من أهم المعالم الإسلامية في حي الخليفة.
تعليقات
إرسال تعليق